تلعب الأندية الإسبانية لكرة القدم دور شباب الثورة الطامحين بإسقاط النظام الذي يتزعمه ناديا ريال مدريد وبرشلونة منذ سنوات تبادل فيها الغريمين السلطة دون أن يتركا في الملاعب قوتاً للصغار المحرومين حتى من أبسط حقوقهم في البث التلفزيوني والتي لا تزال قيد البحث والتفاوض على طاولة مسؤولي "الليغا".
وفي الوقت الذي يتحالف فيه رؤساء أندية الظل للضغط على "الأسدين" وتنحيتهما عن عرش الهيمنة المالية والفنية على الدوري الإسباني صمد شباب سوسيداد في ملعبهم وتسلحوا بالعزيمة والإصرار ليعطلوا برشلونة "الزعيم" ويحرموه من الانتصار الذي اعتاد تحقيقه سابقاً إذ تعادلوا معه في الجولة الثالثة 2-2 وسط دهشة المراقبين!.
عجز أبناء العاصمة ونجح سوسيداد
نقطة سوسيداد قدمت دليلاً شافياً بأنه لا مستحيل في كرة القدم، فالفريق الذي لم يتمكن أبناء العاصمة من الإطاحة به خلال مباريات، بات بإمكان أندية صغيرة كسر شوكته على اعتبار أن التعادل مع لاعبي كاتالونيا مكسب عظيم في هذه الأوقات، ما يعني أن الدوري الإسباني قادر على إنجاب فرق بإمكانها خلق الإثارة والمتعة.
وقفز ريال مدريد فوق برشلونة بفضل "الهدية" وتصدر الدوري بست نقاط من انتصارين، فهل يجد هو الآخر مقاومة أو حركات تمرد من أندية متربصة على الطريق؟ أم أن قبضته الحديدية ستستمر بسياسة الضرب المبرح لا سيما أنه هزم سرقسطة بستة أهداف نظيفة وصفع خيتافي 4-2.
ميسي ورونالدو رعب متواصل
الإجابة عند الخبراء الفنيين الذين لا يزالون يرون صعوبة بالغة في ذلك في ظل وجود أفضل لاعبين في العالم الأرجنتيني ليونيل ميسي والبرتغالي كريستيانو رونالدو مع البارسا والريال على التوالي مما سيضاعف من أزمة بقية الأندية في تحقيق طموحاتها بالمنافسة على الألقاب المحلية على الرغم من بوادر خير برهن عليها شجعان سوسيداد.
وعلى سبيل المثال لا الحصر، يقول مدرب فالنسيا أوناي إيمري أن "فريقه يشعر بالإحباط لعدم تمكنه من الفوز على برشلونة وريال مدريد منذ فترة طويلة"، مشيراً إلى أنهما "يلعبان في دوري خاص بهما وأن الأندية الأخرى تلعب في دوري آخر". مضيفاً أن "ريال مدريد وبرشلونة يتفوقان على البقية وهما أفضل فريقين في العالم والفضل يعود إلى رونالدو وليونيل ميسي اللذان يقدمان أروع العروض".
وأكمل أن "البرتغالي والأرجنتيني لديهما قدرة كبيرة على منافسة الآخرين فهما ليس دائماً 100% ولكن إذا كانا بنسبة 70% فإنه يجب أن نكون مستعدين للمفاجآت".
الدوري الإسباني لا يزال بخير!
ورغم التصريحات "الجبانة" من بعض المدربين إلا أن الجماهير تتابع عن كثب مباريات الدوري الإسباني وتعتبر أنه لا يزال بخير وكل ما أصابه هو أزمات مالية أضرت بخزائن أغلب الأندية وسيتم الحد من نزفها عبر حقوق البث التي قد تعوض الخسائر نسبياً خصوصاً بعد الأنباء التي تحدثت عن وجود شبه اتفاق على توزيع العائدات بطريقة مجدية لجميع الأندية خلال الأيام المقبلة.
يجب ألا نقلل من "قطرة سوسيداد" أمام برشلونة لأنها قد تلهم فالنسيا وريال بيتيس لمواصلة تضييق الخناق على الريال لا سيما أنهما يزاحمانه على الصدارة برصيد ست نقاط، فالملعب لا يعترف بلغة المال في حال بذل اللاعبون المنافسون للريال والبارسا جهداً مضاعفاً للدفاع عن شعار النادي الذي يمثلونه ويحرصون على سمعته.
ولعل الخوف من خسارة تاريخية للفرق المتواضعة أمام القطبين سيعزز من قدرتهم على التصدي لميسي ورونالدو وبقية النجوم وإمكانية الفوز حتى في سانتياغو وكامب نو، فالأمر ليس مستحيلاً.
دروساً في التعامل مع الكبار
ولا ننسى أن سوسيداد لقن الأندية الإسبانية المتواضعة دروساً في كيفية التعامل مع برشلونة "حامل اللقب" وقد يكون الدرس مملاً لدرجة إفقاد الجماهير المتعة ولكن المهم أمام الفريق الكاتالوني تعطيله والخروج من موقعته ولو بنقطة يتيمة لأنها تعد مغنماً حقيقياً وحلماً لأي فريق.
وهنا نتسائل.. هل سيتوقف المسؤولين في الأندية الإسبانية عن انتقاد الليغا واعتبار المنافسة محصورة بين الغريمين؟ أم أن سوسيداد تمكن من تغيير الصورة خصوصاً لدى رئيس نادي اشبيلية الذي شن قبل أيام حرباً شعواء على الريال والبارسا حين وصف "الدوري ب"المهزلة" لاقتصار اللقب بين فريقين؟".
وهل ستشهد الجولة المقبل خسارة أحد العملاقين عندما يلتقي برشلونة مع أوساسونا ومدريد مع ليفانتي في 17 و18 أيلول/سبتمبر الجاري؟ أتمنى ذلك!.